فصل: الفصل السادس والعشرون الفلاحة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» **


  الفصل الحادي والعشرون العلوم الهندسية

هذا العلم هو النظر في المقادير‏:‏ إما المتصلة كالخط والسطح والجسم وإما المنفصلة كالأعداد فيما يعرض لها من العوارض الذاتية‏.‏ مثل أن كل مثلث فزواياه مثل قائمتين‏.‏ ومثل أن كل خطين متوازيين لا يلتقيان في جهة ولو خرجا إلى غير نهاية‏.‏ ومثل أن كل خطين متقاطعين فالزاويتان المتقابلتان منهما متساويتان ومثل أن الأربعة مقادير المتناسبة ضرب الأول منها في الثالث كضرب الثاني في الرابع وأمثال ذلك‏.‏ والكتاب المترجم لليونانيين في هذه الضناعة كتاب أوقليدس ويسمى كتاب الأصول الأركان وهو أبسط ما وضع فيها للمتعلمين وأول ما ترجم من كتب اليونانيين في الملة أيام أبي جعفر المنصور ونسخه مختلفة باختلاف المترجمين‏.‏ فمنها لحنين بن إسحاق ولثابت بن قرة وليوسف بن الحجاج ويشتمل على خمس عشرة مقالة‏.‏ أربعة في السطوح وواحدة في الأقدار المتناسبة وواحدة في نسبة السطوح بعضها إلى بعض وثلاثة في العدد والعاشرة في المنطقات والقوى على المنطقات ومعناه الجذور وخمس في المجسمات‏.‏ وقد اختصره الناس مختصرات كثيرة كما فعله ابن سينا في تعاليم الشفاء‏.‏ أفرد له جزءاً منها اختصة به‏.‏ وكذلك ابن أبي الصلت في كتاب الاقتصار وغيرهم‏.‏ وشرحه آخرون شروحاً كثيرة وهو مبدأ العلوم الهندسية بإطلاق‏.‏ واعلم أن الهندسة تفيد صاحبها إضاءة في عقله واستقامة في فكره لأن براهينها كلها بينة الانتظام جلية الترتيب لا يكاد الغلط يدخل أقيستها لترتيبها وانتظامها فيبعد الفكر بممارستها عن الخطأ وينشأ لصاحبها عقل على ذلك المهيع‏.‏ وقد زعموا أنه كان مكتوباً على باب أفلاطون‏:‏ ‏"‏ من لم يكن مهندساً فلا يدخلن منزلنا ‏"‏‏.‏ وكان شيوخنا رحمهم الله يقولون‏:‏ ‏"‏ ممارسة علم الهندسة للفكر بمثابة الصابون للثوب الذي يغسل منه الأقذار وينقيه من الأوضار والأدران ‏"‏‏.‏ وإنما ذلك لما أشرنا إليه من ترتيبه وانتظامه‏.‏ ومن فروع هذا الفن الهندسة المخصوصة بالأشكال الكرية والمخروطات‏.‏ أما الأشكال الكرية ففيها كتابان من كتب اليونانيين لثاوذوسيوس وميلاوش فى سطوحها وقطوعها‏.‏ وكتاب ثاوذوسيوس مقدم في التعليم على كتاب ميلاوش لتوقف كثير من براهينه عليه‏.‏ ولا بد منهما لمن يريد الخوض في علم الهيئة لأن براهينها متوقفة عليهما‏.‏ فالكلام في الهيئة كله كلام في الكرات السماوية وما يعرض فيها من القطوع والدوائر بأسباب الحركات كما نذكر فقد يتوقف على معرفة أحكام الأشكال الكرية سطوحها وقطوعها‏.‏ وأما المخروطات فهو من فروع الهندسة أيضاً‏.‏ وهو علم ينظر فيما يقع في الأجسام المخروطة من الأشكال والقطوع ويبرهن على ما يعرض لذلك من العوارض ببراهين هندسية متوقفة على التعليم الأول‏.‏ وفائدتها تظهر في الصنائع العلمية التي موادها الأجسام مثل النجارة والبناء وكيف تصنع التماثيل الغريبة والهياكل النادرة وكيف يتحيل على جر الأثقال ونقل الهياكل بالهندام والمخال وأمثال ذلك‏.‏ وقد أفرد بعض المؤلفين في هذا الفن كتاباً في الحيل العملية يتضمن من الصناعات الغريبة والجيل المستظرفة كل عجيبة‏.‏ وربما استغلق على الفهوم لصعوبة براهينه الهندسية وهو موجود بأيدي الناس ينسبونه إلى بني شاكر‏.‏ والله تعالى أعلم‏.‏ المساحة ومن فروع الهندسة المساحة وهو فن يحتاج إليه في مسح الأرض ومعناه استخراج مقدار الأرض المعلومة بنسبة شبر أو ذراع أو غيرهما أو نسبة أرض من أرض إذا قويست بمثل ذلك‏.‏ ويحتاج إلى ذلك في توظيف الخراج على المزارع والفدن وبساتين الغراسة وفي قسمة الحوائط والأراضي بين الشركاء أو الورثة وأمثال ذلك‏.‏ وللناس فيها موضوعات حسنة وكثيرة‏.‏ والله الموفق للصواب بمنه وكرمه‏.‏ المناظرة من فروع الهندسة‏:‏ وهوعلم يتبين به أسباب الغلط في الإدراك البصري بمعرفة كيفية وقوعها بناء على أن إدراك البصر يكون بمخروط شعاعي رأسه نقطة الباصر وقاعدته المرثي‏.‏ ثم يقع الغلط كثيراً في رؤية القريب كبيراً والبعيد صغيراً‏.‏ وكذا رؤية الأشباح الصغيرة تحت الماء وراء الأجسام الشفافة كبيرة ورؤية النقط النازلة من المطر خطاً مستقيماً والسلقة دائرة وأمثال ذلك‏.‏ فيبتين في هذا العلم أسباب ذلك وكيفياته بالبراهين الهندسية ويتبين به أيضاً اختلاف المنظر في القمر باختلاف العروض الذي ينبني عليه معرفة رؤية الأهلة وحصول الكسوفات وكثير من أمثال هذا‏.‏ وقد ألف في هذا الفن كثير من اليونانيين‏.‏ وأشهر من ألف فيه من الإسلاميين ابن الهيثم‏.‏ ولغيره فيه الإسلاميين تآليف وهو من هذه العلوم الرياضية وتفاريعها‏.‏

  الفصل الثاني والعشرون علم الهيئة

وهو علم ينظر في حركات الكواكب الثابتة والمتحركة والمتحيرة‏.‏ ويستدل بكيفيات تلك الحركات على أشكال وأوضاع للأفلاك لزمت عنها هذه الحركات المحسوسة بطرق هندسية‏.‏ كما يبرهن على أن مركز الأرض مباين لمركز فلك الشمس بوجود حركة الإقبال والإدبار وكما يستدل بالرجوع والاستقامة للكواكب على وجود أفلاك صغيرة حاملة لها متحركة داخل فلكها الأعظم وكما يبرهن على وجود الفلك الثامن بحركة الكواكب الثابتة وكما يبرهن على تعدد الأفلاك للكوكب الواحد بتعداد الميول له وأمثال ذلك‏.‏ وإدراك الموجود من الحركات وكيفياتها وأجناسها إنما هو بالرصد فإنا إنما علمنا حركات الإقبال والإدبار به‏.‏ وكذا تركيب الأفلاك في طبقاتها وكذا الرجوع والاستقامة وأمثال ذلك‏.‏ وكان اليونانيون يعتنون بالرصد كثيراً ويتخذون له الآلات التي توضع ليرصد بها حركة الكوكب المعين‏.‏ وكانت تسمى عندهم ذات الحلق‏.‏ وصناعة عملها والبراهين عليه في مطابقة حركتها بحركة الفلك منقول بأيدي الناس‏.‏ وأما في الإسلام فلم تقع به عناية إلا في القليل‏.‏ وكان في أيام المأمون شيء منه وصنع لهذه الآلة المعروفة للرصد المسماة ذات الحلق‏.‏ وشرع في ذلك فلم يتم‏.‏ ولما مات ذهب رسمه وأغفل واعتمد من بعده على الأرصاد القديمة وليست بمغنية لاختلاف الحركات باتصال الأحقاب‏.‏ وإن مطابقة حركة الآلة في الرصد لحركة الأفلاك والكواكب إنما هو بالتقريب ولا يعطي التحقيق فإذا طال الزمان ظهر تفاوت ذلك التقريب‏.‏ وهذه الهيئة صناعة شريفة وليست على ما يفهم في المشهور أنها تعطي صورة السماوات وترتيب الأفلاك والكواكب بالحقيقة بل إنما تعطي أن هذه الصور والهيآت للأفلاك لزمت عن هذه الحركات‏.‏ وأنت تعلم أنه لا يبعد أن يكون الشيء الواحد لازماً لمختلفين وإن قلنا إن إن الحركات لازمة فهو استدلال باللازم على وجود الملزوم ولا يعطي الحقيقة بوجه على أنه علم جليل وهو أحد أركان التعاليم‏.‏ ومن أحسن التآليف فيه كتاب المجسطي منسوباً لبطليموس‏.‏ وليس من ملوك اليونان الذين أسماوهم بطليموس على ما حققه شراح الكتاب وقد اختصره الأئمة من حكماء الإسلام كما فعله ابن سينا وأدرجه في تعاليم الشفاء‏.‏ ولخصه ابن رشد أيضاً من حكماء الأندلس وابن السمح‏.‏ وابن أبي الصلت في كتاب الاقتصار‏.‏ ولابن الفرغاني هيئة ملخصة قربها وحذف براهينها هندسية‏.‏ والله علم الإنسان ما لم يعلم‏.‏ سبحانه لا إله إلا هو رب العالمين‏.‏ علم الأزياج ومن فروعه علم الأزياج وهو صناعة حسابية على قوانين عددية فيما يخص كل كوكب من طريق حركته وما أدى إليه برهان الهيئة في وضعه من سرعة وبطء واستقامة ورجوع وغير ذلك يعرف به مواضع الكواكب في أفلاكها لأي وقت فرض من قبل حسبان حركاتها على تلك القوانين المستخرجة من كتب الهيئة‏.‏ ولهذه الصناعة قوانين كالمقدمات والأصول لها في معرفة الشهور والأيام والتواريخ الماضية وأصول متقررة من معرفة الأوج والحضيض والميول وأصناف الحركات واستخراج بعضها من بعض يضعونها في جداول مرتبة تسهيلاً على المتعلمين وتسمى الأزياج‏.‏ ويسمى استخراج مواضع الكواكب للوقت المفروض لهذه الضناعة تعليلاً وتقويماً‏.‏ وللناس فيه تآليف كثيرة للمتقدممن والمتأخرين مثل البتاني وابن الكماد‏.‏ وقد عول المتأخرون لهذا العهد بالمغرب على زيج منسوب لابن إسحاق من منجمي تونس في أول المائة السابعة‏.‏ ويزعمون أن ابن إسحاق عول فيه على الرصد‏.‏ وأن يهودياً كان بصقلية ماهراً في الهيئة والتعاليم وكان قد عني بالرصد وكان يبعث إليه بما يقع في ذلك من أحوال الكواكب وحركاتها فكأن أهل المغرب لذلك عنوا به لوثاقة مبناه على ما يزعمون‏.‏ ولخصه ابن البناء في آخر سماه المنهاج فولع الناس لما سهل من الأعمال فيه وإنما يحتاج إلى مواضع الكواكب من الفلك لتبنى عليها الأحكام النجومية وهو معرفة الآثار التي تحدث عنها بأوضاعها في عالم الإنسان من الملك والدول والمواليد البشرية والكوائن الحادثة كما نبينه بعد ونوضح فيه أدلتهم إن شاء الله تعالى‏.‏ والله الموفق لما يحبه ويرضاه لا معبود سواه‏.‏

  الفصل الثالث العشرون علم المنطق

وهو قوانين يعرف بها الصحيح من الفاسد في الحدود المعروفة للماهيات والحجج المفيدة للتصديقات وذلك لأن الأصل في الإدراك إنما هو المحسوسات بالحواس الخمس‏.‏ وجميع الحيوانات مشتركة في هذا الإدراك من الناطق وغيره وإنما يتميز الإنسان عنها بإدراك الكليات وهي مجردة من المحسوسات‏.‏ وذلك بأن يحصل في الخيال من الأشخاص المتفقة صورة منطبقة على جميع تلك الأشخاص المحسوسة وهي الكلي‏.‏ ثم ينظر الذهن بين تلك الأشخاص المتفقة وأشخاص أخرى توافقها في بعض فيحصل له صورة تنطبق أيضاً عليهما باعتبار ما اتفقا فيه‏.‏ ولا يزال يرتقي في التجريد إلى الكلي الذي لا يجد كلياً آخر معه يوافقه فيكون لأجل ذلك بسيطاً‏.‏ وهذا مثل ما يجرد من أشخاص الإنسان صورة النوع المنطبقة عليها‏.‏ ثم ينظر بينه وبين الحيوان ويجرد صورة الجنس المنطبقة عليهما ثم ينظر بينهما وبين النبات إلى أن ينتهي إلى الجنس العالي وهو الجوهر فلا يجد كلياً يوافقه في شيء فيقف العقل هنالك عن التجريد‏.‏ ثم إن الإنسان لما خلق الله له الفكر الذي به يدرك العلوم والصنائع وكان العلم‏:‏ إما تصوراً للماهيات ويعني به إدراك ساذج من غير حكم معه وإما تصديقاً أي حكماً بثبوت أمر لأمر فصار سعي الفكر في تحصيل المطلوبات إما بأن تجمع تلك الكليات بعضها إلى بعض على جهة التآليف فتحصل صورة في الذهن كلية منطبقة على أفراد في الخارج فتكون تلك الصورة الذهنية مفيدة لمعرفة ماهية تلك الأشخاص وإما بأن يحكم بأمر على أمر فيثبت له ويكون ذلك تصديقاً‏.‏ وغايته في الحقيقة راجعة إلى التصور لأن فائدة ذلك إذا حصل فإنما هي معرفة حقائق الأشياء التي هي مقتضى العلم الحكمي‏.‏ وهذا السعي من الفكر قد يكون بطريق صحيح وقد يكون بطريق فاسد فاقتضى ذلك تمييز الطريق الذي يسعى به الفكر في تحصيل المطالب العلمية ليتميز فيها الصحيح من الفاسد فكان ذلك قانون المنطق‏.‏ وتكلم فيه المتقدمون أول ما تكلموا به جملاً جملاً ومتفرقاً متفرقاً‏.‏ ولم تهذب طرقه ولم تجمع مسائله حتى ظهر في يونان أرسطو فهذب مباحثه ورتب مسائله وفصوله وجعله أول العلوم الحكمية وفاتحتها‏.‏ ولذلك يسمى بالمعلم الأول وكتابه المخصوص بالمنطق يسمى النص وهو يشتمل على ثمانية كتب‏:‏ أربعة منها في صورة القياس وأربعة في مادته‏.‏ وذلك أن المطالب التصديقية على أنحاء‏:‏ فمنها ما يكون المطلوب فيه اليقين بطبعه ومنها ما يكون المطلوب فيه الظن وهو على مراتب‏.‏ فينظر في القياس من حيث المطلوب الذي يفيده وما ينبغي أن تكون مقدماتة بذلك الاعتبار ومن أي جنس يكون من العلم أو من الظن‏.‏ وقد ينظر في القياس لا باعتبار مطلوب مخصوص بل من جهة إنتاجه خاصة‏.‏ ويقال للنظر الأول إنه من حيث المادة ونعني به المادة المنتجة للمطلوب المخصوص من يقين أو ظن ويقال للنظر الثاني إنه من حيث الصورة وإنتاج القياس على الأول‏:‏ في الأجناس العالية التي ينتهي إليها تجريد المحسوسات في الذهن وهي التي ليس فوقها جنس ويسمى كتاب المقولات‏.‏ والثاني‏:‏ في القضايا التصديقية وأصنافها ويسمى كتاب العبارة‏.‏ والثالث‏:‏ في القياس وصورة إنتاجه على الإطلاق ويسمى كتاب القياس وهذا آخر النظر من حيث الصورة‏.‏ ثم الرابع‏:‏ كتاب البرهان وهو النظر في القياس المنتج لليقين وكيف يجب أن تكون مقدماته يقينية‏.‏ ويختص بشروط أخرى لإفادة اليقين مذكورة فيه مثل كونها ذاتية وأولية وغير ذلك‏.‏ وفي هذا الكتاب الكلام في المعرنات والحدود إذ المطلوب فيها إنما هو اليقين لوجوب المطابقة بين الحد والمحدود لا يحتمل غيرها فلذلك اختصت عند المتقدمين بهذا الكتاب‏.‏ والخامس‏:‏ كتاب الجدل وهو القياس المفيد قطع المشاغب وإفحام الخصم وما يجب أن يستعمل فيه من المشهورات ويختص أيضاً من جهة إفادته لهذا الغرض بشروط أخرى وهي مذكورة هنالك‏.‏ وفي هذا الكتاب يذكر المواضع التي يستنبط منها صاحب القياس قياسه بتمييز الجامع بين طرفي المطلوب المسمى بالوسط وفيه عكوس القضايا‏.‏ والسادس‏:‏ كتاب السفسطة وهو القياس الذي يفيد خلاف الحق ويغالط به المناظر صاحبه والسابع‏:‏ كتاب الخطابة وهو القياس المفيد ترغيب الجمهور وحملهم على المراد منهم وما يجب أن يستعمل في ذلك من المقالات‏.‏ والثامن‏:‏ كتاب الشعر وهو القياس الذي يفيد التمثيل والتشببه خاصة للإقبال على الشيء أو النفرة عنه وما يجب أن يستعمل فيه من القضايا التخيلية‏.‏ هذه هي كتب المنطق الثمانية عند المتقدمين‏.‏ ثم إن حكماء اليونانيين بعد أن تهذبت الصناعة ورتبت رأوا أنه لا بد من الكلام في الكليات الخمس المفيدة للتصور المطابق للماهيات في الخارج أو لأجزائها أو عوارضها وهي الجنس والفصل والنوع والخاص والعرض العام فاستدركوا فيها مقالة تختص بها مقدمة بين يدي الفن فصارت مقالاته تسعاً وترجمت كلها في الملة الإسلامية‏.‏ وكتبها وتناولها فلاسفة الإسلام بالشرح والتلخيص كما فعله الفارابي وابن سينا ثم ابن رشد من فلاسفة الأندلس‏.‏ ولابن سينا كتاب الشفاء استوعب فيه علوم الفلسفة السبعة كلها‏.‏ ثم جاء المتأخرون فغيروا اصطلاح المنطق وألحقوا بالنظر في الكليات الخمس ثمرته وهي الكلام في الحدود والرسوم نقلوها من كتاب البرهان وحذفوا المقولات لأن نظر المنطقي فيه بالعرض لا بالذات‏.‏ وألحقوا في كتاب العبارة الكلام في العكس وإن كان من كتاب الجدل في كتب المتقدمين لكنه من توابع الكلام في القضايا ببعض الوجوه‏.‏ ثم تكلموا في القياس من حيث إنتاجه للمطالب على العموم لا بحسب مادة‏.‏ وحدقوا النظر فيه بحسب المادة وهي الكتب الخمسة‏:‏ البرهان والجدل والخطابة والشعر والسفسطة‏.‏ وربما يلم بعضهم باليسير منها إلماماً وأغفلوها كأن لم تكن وهي المهم المعتمد في الفن‏.‏ ثم تكلموا فيما وضعوه من ذلك كلاماً مستبجراً ونظروا فيه من حيث إنه فن برأسه لا من حيث إنه آلة للعلوم فطال الكلام فيه واتسع‏.‏ وأول من فعل الإمام فخر الدين ابن الخطيب ومن بعده أفضل الدين الخونجي وعلى كتبه معتمد المشارقة لهذا العهد‏.‏ وله في هذه الصناعة كتاب كشف الأسرار وهو طويل ومختصر الموجز وهو حسن في التعليم ثم مختصر الجمل في قدر أربعة أوراق أخذ بمجامع الفن وأصوله يتداوله المتعلمون لهذا العهد فينتفعون به‏.‏ وهجرت كتب المتقدمين وطرقهم كأن لم تكن وهي ممتلئة من ثمرة المنطق وفائدته كما قلناه‏.‏ والله الهادي للصواب‏.‏ اعلم أن هذا الفن قد اشتد النكير على انتحاله من متقدمي السلف والمتكلمين‏.‏ وبالغوا في الطعن عليه والتحذير منه وحظروا تعلمه وتعليمه‏.‏ وجاء المتأخرون من بعدهم من لدن الغزالي والإمام ابن الخطيب فسامحوا في ذلك بعض الشيء‏.‏ وأكب الناس على انتحاله من يومئذ إلا قليلاً يجنحون فيه إلى رأي المتقدمين فينفرون عنه ويبالغون في إنكاره‏.‏ فلنبين لك نكتة القبول والرد في ذلك لتعلم مقاصد العلماء في مذاهبهم وذلك أن المتكلمين لما وضعوا علم الكلام لنصر العقائد الإيمانية بالحجج العقلية كانت طريقتهم في ذلك بأدلة خاصة وذكروها في كتبهم كالدليل علىحدث العالم بأثبات الآعراض وحدوثها وامتناع خلو الآجسام عنها وما لا يخلو عن الحوادث حادث وكأثبات التوحيد بدليل التمانع وأثبات الصفات القديمة بالجوامع الآربعة إلحاقاً للغائب بالشاهد وغير ذلك ‏"‏ من أدلتهم المذكورة في كتبهم ثم قرروا تلك الآدلة بتمهيد قواعد وأصول هي كالمقدمات لها مثل إثبات الجوهر الفرد والزمن الفرد والخلاء بين الآجسام ونفي الطبيعة والتركيب العقلي للماهيات وأن العرض لا يبقى زمنين وإثبات الحال وهي صفة لموجود لاموجودة ولامعدومة وغير ذلك من قواعدهم التي بنوا عليها أدلتهم الخاصة ثم ذهب الشيخ أبوالحسن والقاضي أبو بكر والآستاذ أبو إسحق إلى أن أدلة العقائد منعكسة بمعنى أنها إذا بطلت بطل مدلولها ولهذا رأى القاضي أبو بكر أنها بمثابة العقائد والقدح فيها قدح في العقائد لابتنائها عليها‏.‏ وإذا تأملت المنطق وجدته كله يدور على التركيب العقلي وإثبات الكلي الطبيعي في الخارج لينطبق عليه الكلي الذهني المنقسم إلى الكليات الخمس التي هي الجنس والنوع والفصل والخاصة والعرض والعام وهذا باطل عند المتكلمين‏.‏ والكلي والذاتي عندهم إنما هو اعتبار ذهني ليس في الخارج ما يطابقه أو حال عند من يقول بها فتبطل الكليات الخمس والتعريف المبني عليها والمقولات العشر ويبطل العرض الذاتي فتبطل ببطلانه القضايا الضرورية الذاتية المشروطة في البرهان وتبطل المواضع التي هي لباب كتاب الجدل‏.‏ وهي التي يؤخذ منها الوسط الجامع بين الطرفين في القياس ولا يبقى إلا القياس الصوري‏.‏ ومن التعريفات المساوىء في الصادقية على إفراد المحمود لا يكون أعم منها فيدخل غيرها ولا أخص فيخرج بعضها وهو الذي يعبر عنه النحاة بالجمع والمنع والمتكلمون بالطرد والعكس وتنهدم أركان المنطق جملة‏.‏ وإن أثبتنا هذه كما في علم المنطق ابطلنا كثيرا من مقدمات المتكلمين فيؤدي إلى إبطال أد لتهم على العقائد كما مر فلهذا بالغ المتقدمون من المتكلمين في النكير على انتحال المنطق وعدوه بدعة أو كفرا على نسبة الدليل الذي يبطل‏.‏ والمتأخرون من لدن الغزالي لما أنكروا انعكاس الأدلة ولم يلزم عندهم من بطلان الدليل بطلان مدلوله وصح عندهم رأي أهل المنطق في التركيب العقلي ووجود الماهيات الطبيعية وكلياتها في الخارج قضوا بأن المنطق غير مناف للعقائد الإيمانية وإن كان منافيا لبعض أدلتها بل قد يستدلون على إبطال كثير من تلك المقدمات الكلامية كنفي الجوهر الفرد والخلاء وبقاء الأعراض وغيرها ويستبدلون من أدلة المتكلمين على العقائد بأدلة أخرى يصححونها بالنظر والقياس العقلي‏.‏ ولم يقدح ذلك عندهم في العقائد السنية بوجه وهذا راي الإمام والغزالي وتابعهما لهذا العهد فتأمل ذلك واعرف مدارك العلماء ومآخذهم فيما يذهبون إليه‏.‏ والله الهادي والموفق للصواب‏.‏ الطبيعيات وهوعلم يبحث عن الجسم من جهة ما يلحقه من الحركة والسكون فينظرفي الأجسام السماوية والعنصرية وما يتولد عنها من إنسان وحيوان ونبات ومعدن وما يتكون في الأرض من العيون والزلازل وفي الجو من السحاب والبخار والرعد والبرق والصواعق وغير ذلك‏.‏ وفي مبدإ الحركة للأجسام وهو النفس على تنوعها في الإنسان والحيوان والنبات‏.‏ وكتب ارسطوفيه موجودة بين ايدي الناس ترجمت مع ما ترجم من علوم الفلسفة أيام المأمون وألف الناس على حذوها مستتبعين لها بالبيان والشرح‏.‏ وأوعب من ألف في ذلك ابن سينا في كتاب الشفاء جمع فيه العلوم السبعة للفلاسفة كما قدمنا ثم لخصه في كتاب النجاة وفي كتاب الإشارات وكأنه يخالف ارسطو في الكثيرمن مسائلها ويقول برأيه فيها‏.‏ وأما ابن رشد فلخص كتب أرسطو وشرحها متبعا له غيرمخالف‏.‏ وألف الناس بعده‏!‏ في ذلك كثيراً لكن هذه هي المشهورة لهذا العهدوالمعتبرة فى الصناعة‏.‏ ولأهل المشرق عناية بكتاب الإشارات لابن سينا وللإمام ابن الخطيب عليه شرح حسن وكذا الآمدي‏.‏ وشرحه أيضاً نصير الدين الطوسي المعروف بخواجة من أهل المشرق وبحث مع الإمام في كثير من مسائله فأوفى على أنظارهوبحوثه‏.‏ وفوق كل ذي علم عليم والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم‏.‏

  الفصل الخامس والعشرون علم الطب

ومن فروع الطبيعيات صناعة الطب وهي صناعة تنظر في بدن الإنسان من حيث يمرض ويصح فيحاول صاحبها حفظ الصحة وبرء المرض بالآدوية والآغذية بعد أن يبين المرض الذي يخص كل عضومن أعضاء البدن وأسباب تلك الامراض التي تنشأ عنها وما لكل مرض من الآدوية مستدلين على ذلك بأمزجة الأدوية وقواها وعلى المرض بالعلامات المؤذية بنضجه وقبوله للدواء أولاً‏:‏ في السجية والفضلات والنبض محاذين لذلك قوة الطبيعة فإنها المدبرة في حالتي الصحة والمرض‏.‏ وإنما الطيبب يحاذيها ويعينها بعض الشيء بحسب ما تقتضيه طبيعة المادة والفصل والسن ويسمى العلم الجامع لهذا كله علم الطب‏.‏ وربما أفردوا بعض الأعضاء بالكلام وجعلوه علماًخاصاً كالعين وعالمها وأكحالها‏.‏ وكذلك ألحقوا بالفن منافع الأعضاء ومعناه التي خلق لأجلها كل عضو من أعضاء البدن الحيواني‏.‏ وإن لم يكن ذلك من موضوع علم الطب إلا إنهم جعلوه من لواحقه وتوابعه‏.‏ ولجالينوس في هذا الفن كتاب جليل عظيم المنفعة وهو إمام هذه الصناعة التي ترجمت كتبه فيها من الأقدمين يقال إنه كان معاصرا لعيسى عليه السلام ويقال إنه مات بصقلية في سبيل تغلب ومطاوعة اغتراب‏.‏ وتآليفه فيها هي الآمهات التي اقتدى بها جميع الآطباء من بعده‏.‏ وكان في الإسلام في هذه الصناعة أئمة جاؤوا من وراء الغاية مثل الرازي والمجوسي وابن سينا ومن أهل الأندلس أيضاً كثيرٌ‏.‏ وأشهرهم ابن زهر‏.‏ وهي لهذا العهد في المدن الإسلامية كأنها نقصت لوقوف العمران وتناقصه وهي من الصنائع التي لا تستدعيها إلا الحضارة والترف كما نبينه بعد‏.‏ وللبادية من أهل العمران طب يبنونه في غالب الأمر على تجربة قاصره علىبعض الأشخاص ويتداولونه متوارثاً عن مشايخ الحي وعجائزه وربما يصح منه البعض إلا أنه ليس على قانون طبيعي ولا عن موافقة المزاج‏.‏ وكان عند العرب من هذا الطب كثير وكان فيهم أطباء معروفون‏:‏ كالحرث بن كلدة وغيره‏.‏ والطب المنقول في الشرعيات من هذا القبيل وليس من الوحي في شىءوإنما هوأمر كان عادياً للعرب‏.‏ ووقع في ذكر أحوال النبي صلىالله عليهوسلم من نوع ذكرأحواله التي هي عادة وجبلة لا من جهة أن ذلك مشروع على ذلك النحو من العمل‏.‏ فإنه صلى الله عليه وسلم إنما بعث ليعلمنا الشرائع ولم يبعث لتعريف الطب ولا غيره من العاديات‏.‏ وقد وقع له في شأن تلقيح النخل ما وقع فقال‏:‏ ‏"‏ أنتم أعلم بأموردنياكم‏.‏ فلا ينبغي أن يحمل شيء من الذي وقع من الطب الذي وقع في الأحاديث الصحيحة المنقولة على أنه مشروع فليس هناك ما يدل عليه اللهم إلا إن استعمل على جهة التبرك وصدق العقد الإيماني فيكون له اثر عظيم في النفع‏.‏ وليس ذلك من الطب المزاجي وإنما هو من آثار الكلمة الإيمانية كما وقع في مداواة المبطون بالعسل ونحوه‏.‏ والله الهادي إلى الصواب لا رب سواه‏.‏

  الفصل السادس والعشرون الفلاحة

هذه الصناعة من فروع الطبيعيات وهي النظرفي النبات من حيث تنميته ونشؤه بالسقي والعلاج واستجادة المنبت وصلاحية الفصل وتعاهده بما يصلحه ويتمه من ذلك كله‏.‏ وكان للمتقدمين بها عناية كثيرة وكان النظر فيها عندهم عاماً في النبات من جهة غرسه وتنميته ومن جهة خواصه وروحانيته ومشاكلتها لروحانيات الكواكب والهياكل المستعمل ذلك كله في باب السحر فعظمت عنايتهم به لأجل ذلك‏.‏ وترجم من كتب اليونانيين كتاب الفلاحة النبطية منسوبة لعلماء النبط مشتملة من ذلك على علم كبير‏.‏ ولما نظر أهل الملة فيما اشتمل عليه هذا الكتاب وكان باب السحر مسدوداً والنظر فيه محظوراً فاقتصروا منه على الكلام في النبات من جهة غرسه وعلاجه وما يعرض له في ذلك وحذفوا الكلام في الفن الآخرمنه جملةً‏.‏ واختصر ابن العوام كتاب الفلاحة النبطية على هذا المنهاج وبقي الفن الآخرمنه مغفلأ‏.‏ نقل منه مسلمة في كتبه السحرية أمهات من مسائله كما نذكره عند الكلام على السحر إن شإء الله تعالى‏.‏ وكتب المتأخرين في الفلاحة كثيرة ولا يعدون فيها الكلام في الغراس والعلاج وحفظ النبات من حوائجه وعوائقه وما يعرض في ذلك كله وهي موجودة‏.‏

  الفصل السابع والعشرون علم الإلهيات

وهي علم ينظر في الوجود المطلق‏.‏ فأولاً في الأمور العامة للجسمانيات والروحانيات من الماهيات والوحدة والكثرة والوجوب والإمكان وغير ذلك ثم ينظر في مبادىء الموجودات وأنها روحانيات ثم في كيفية صدور الموجودات عنها ومراتبها ثم في أحوال النفس بعد مفارقة الأجسام وعودها إلى المبدإ‏.‏ وهو عندهم علم شريف يزعمون أنه يوقفهم على معرفة الوجود على ما هو عليه وأن ذلك عين السعادة في زعمهم وسيأتي الردعليهم بعد‏.‏ وهوتال للطبيعيات في ترتيبهم ولذلك يسمونه علم ماوراء الطبيعة وكتب المعلم الأول فيه موجودة بين أيدي الناس ولخصه ابن سينا في كتاب الشفاء والنجاة وكذلك لخصها ابن رشد من حكماء الأندلس ولما وضع المتأخرون في علوم القوم ودونوا فيها ورد عليهم الغزالي مارده منها ثم خلط المتأخرون من المتكلمين مسائل علم الكلام بمسائل الفلسفة لاشتراكهما في المباحث وتشابه موضوع علم الكلام بموضوع الإلهيات ومسائله بمسائلها فصارت فن واحد‏.‏ ثم غيروا ترتيب الحكماء فى مسائل الطبيعيات والإلهيات وخلطوهما فناً واحداً قدموا فيه الكلام في الأمور العامة ثم أتبعوه بالجسمانيات وتوابعها ثم بالروحانيات وتوابعها إلى آخر العلم كما فعله الإمام ابن الخطيب في المباحث المشرقية وجميع من بعده من علماء الكلام‏.‏ وصار علم الكلام مختلطاً بمسائل الحكمة وكتبه محشوة بها كأن الغرض من موضوعهما ومسائلهما واحد‏.‏ والتبس ذلك على الناس وهو صواب لأن مسائل علم الكلام إنما هي عقائد متلقاة من الشريعة كما نقلها السلف من غير رجوع فيها إلى العقل ولا تعويل عليه بمعنى أنها لا تثبت إلا به‏.‏ فإن العقل معزول عن الشرع وأنظاره‏.‏ وما تحدث فيه المتكلمون من إقامة الحجج فليس بحثاً عن الحق فيها ليعلم بالدليل بعد أن لم يكن معلوماً هو شأن الفلسفة بل إنما هو التماس حجة عقلية تعضد عقائد الإيمان ومذاهب السلف فيها وتدفع شبه أهل البدع عنها الذين زعموا أن مداركهم فيها عقلية‏.‏ وذلك بعد أن تفرض صحيحة بالأدلة النقلية كما تلقاها السلف واعتقدوها وكثير ما بين المقامين‏.‏ وذلك أن مدارك صاحب الشريعة أوسع لاتساع نطاقها عن مدارك الأنظار العقلية فهي فوقها ومحيطة بها لاستمدادها من الأنوار الإلهية فلا تدخل تحت قانون النظر الضعيف والمدارك المحاط بها‏.‏ فإذا هدانا الشارع إلى مدرك فينبغي أن نقدمة على مداركنا ونثق به دونها ولا ننظر في تصحيحه بمدارك العقل ولوعارضه بل نعتقد ما أمرنا به اعتقاداً وعلماً ونسكت عما لم نفهم من ذلك ونفوضه إلى الشارع ونعزل العقل عنه‏.‏ والمتكلمون إنما دعاهم إلى ذلك كلام أهل الإلحاد في معارضات العقائد السلفية بالبدع النظرية فاحتاجوا إلى الرد عليهم من جنس معارضتهم واستدعى ذلك الحجج النظرية ومحاذاة العقائد السلفية بها‏.‏ وأما النظر في مسائل الطبيعيات والإلهيات بالتصحيح والبطلان فليس من موضوع علم الكلام ولا من جنس أنظار المتكلمين‏.‏ فاعلم ذلك لتميز به بين الفنين فإنهما مختلطان عند المتأخرين في الوضع والتآليف‏.‏ والحق مغايرة كل منهما لصاحبه بالموضوع والمسائل‏.‏ وإنما جاء الالتباس من اتحاد المطالب عند الاستدلال وصار احتجاج أهل الكلام كأنه إنشاء لطلب الاعتقاد بالدليل وليس كذلك‏.‏ بل إنما هو رد على الملحدين والمطلوب مفروض الصدق معلومة‏.‏ وبهذا جاء المتأخرون من غلاة المتصوفة المتكلمين بالمواجد أيضاً فخلطوا مسائل الفنين بفنهم وجعلوا الكلام واحداً فيها كلها‏.‏ مثل كلامهم في النبوات والاتحاد والحلول والوحدة وغير ذلك‏.‏ والمدارك في هذه الفنون الثلاثة متغايرة مختلفة وأبعدها من جنس الفنون والعلوم مدارك المتصوفة لأنهم يدعون فيها الوجدان ويفرون عن الدليل‏.‏ والوجدان بعيد عن المدارك العلمية وأبحاثها وتوابعها كما بيناه ونبينه‏.‏ والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم‏.‏ والله أعلم بالصواب‏.‏